الصين-أمام-فرصة-نادرة-لإعادة-بناء-علاقاتها-مع-أوروبا

الصين أمام فرصة نادرة لإعادة بناء علاقاتها مع أوروبا

قضت إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، أربع سنوات في بناء جبهة موحدة مع أوروبا لمواجهة الصين.

وبعد مرور شهر على ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثانية، أصبحت هذه الجبهة الموحدة في حالة يُرثى لها بعد أن قلبت الإدارة الجديدة بشكل كبير نهج الرئيس السابق جو بايدن، فأصبحت صديقة لروسيا وابتعدت عن أوروبا.

وفي أعقاب النهج الذي يستخدمه ترامب لتدمير العلاقات مع حلفائه الأوروبيين، تلوح فرصة نادرة أمام الصين لبناء جبهتها الموحدة مع أوروبا.

فخلال مؤتمر ميونيخ للأمن الذي عقد أخيراً، أجرى وزير الخارجية الصيني وانغ يي، سلسلة اجتماعات مع القادة الأوروبيين، أهمهم المستشار الألماني أولاف شولتس، المنتهية ولايته، ووجه نداء مباشراً إليهم في خطابه، قائلاً: «لقد رأت الصين دائماً في أوروبا قطباً مهماً في العالم المتعدد الأقطاب.

.

الصين على استعداد للعمل مع الجانب الأوروبي لتعميق الاتصالات الاستراتيجية والتعاون متبادل المنفعة».

وعلى النقيض من نهج ترامب المتمثل في تهميش أوكرانيا، ومناقشة إنهاء الحرب مباشرة مع روسيا، اكتسب وانغ تأييداً من نظرائه الأوروبيين، من خلال دعم حقهم في الحصول على مقعد على طاولة المفاوضات.

ففي اجتماعه مع رئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، قال وانغ، إن الصين «تدعم الدور المهم الذي تلعبه أوروبا في محادثات السلام» بأوكرانيا.

فرصة للمصالحة

وقال رئيس قسم العلاقات الدولية في معهد العلوم السياسية وعلم الاجتماع في جامعة بون، شيويو جو: «إن تصاعد الاحتكاك والخلافات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يوفر لبكين بالتأكيد فرصة نادرة للمصالحة مع الاتحاد الأوروبي، والعديد من الدول الأوروبية التي استاءت من قبل من سياسة الصين تجاه روسيا».

وبالطبع، لن تنسى أوروبا بسهولة دعم الصين للجهود الحربية الروسية، والذي كان عاملاً رئيساً في ابتعاد بروكسل عن بكين على مدى السنوات الثلاث الماضية.

لكن مع دفع ترامب للدول الأوروبية لزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 5%، وإشارته إلى أن الدعم الأميركي للكتلة قد يتلاشى، فقد يوافق القادة الأوروبيون على العرض الضمني الذي تقدّمه لهم الصين.

محنة مشتركة

وعلاوة على ذلك، يتقاسم الاتحاد الأوروبي والصين محنة مشتركة تجمعهما معاً على صعيد واحد، حيث فرض ترامب بالفعل تعرفات جمركية بنسبة 10% على جميع السلع الصينية، و25% على واردات الألمنيوم والصلب من جميع البلدان، بما في ذلك الحلفاء الأوروبيون، كما أن هناك مزيداً من التعرفات الجمركية في الطريق.

وتعهد ترامب بجعل التجارة الأميركية «متبادلة» في جميع أنحاء العالم، ومطابقة جميع التعرفات والضرائب المطبقة على السلع الأميركية بتعرفات جمركية جديدة في الداخل، والاتحاد الأوروبي من بين قائمة الأهداف.

ومع مواجهة الاتحاد الأوروبي عبئاً اقتصادياً متزايداً من التعرفات الجمركية وزيادة الإنفاق الدفاعي، قد تصبح الصين شريان حياة اقتصادياً أكثر أهمية بالنسبة لأوروبا.

علاقات أكثر توازناً

ويعتقد الأستاذ في أكاديمية الحوكمة الإقليمية والعالمية في جامعة الدراسات الأجنبية في بكين، كوي هونغ جيان «أن بعض الاقتصادات الكبرى داخل الاتحاد الأوروبي، لاسيما ألمانيا أو بعض الاقتصادات الأخرى، ستحاول إقامة علاقات أكثر توازناً بين الصين والولايات المتحدة، لأنه بمجرد فرض مزيد من التعرفات الجمركية من واشنطن تجاه الاتحاد الأوروبي وألمانيا وبعض الاقتصادات الأخرى، فإنها ستعاني كثيراً».

وانسحب الاتحاد الأوروبي من اتفاقية تجارية شاملة مع الصين في أوائل عام 2021 مع تدهور علاقاته معها.

واقترح كوي أن كلا الجانبين قد يعملان على إحياء تلك الصفقة لتخفيف تأثير التعرفات الجمركية الأميركية.

وقد أشارت بعض الدول الأوروبية بالفعل إلى مزيد من الانفتاح على الصين.

ولم تكن ألمانيا – التي تربطها علاقة تجارية وتصنيعية كبيرة مع أميركا – قاسية في موقفها تجاه بكين في السنوات الأخيرة، فقد صوتت ضد التعرفات الجمركية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على واردات السيارات الكهربائية الصينية العام الماضي، على سبيل المثال.

كما زادت المملكة المتحدة، تحت قيادة حزب العمال، تواصلها الدبلوماسي مع الصين.

إزالة العوائق

وفي خطاباتها الأخيرة، ألمحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، التي قادت في السابق التحول الحازم في سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه الصين، إلى ذوبان محتمل للجليد بين الجانبين.

وقالت لسفراء الاتحاد الأوروبي الذين اجتمعوا في بروكسل أوائل فبراير – في صدى للتصريحات التي أدلت بها في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا – خلال يناير: «سنستمر في إزالة العوائق أمام علاقتنا الاقتصادية، كما فعلنا في السنوات الأخيرة، لكن هناك أيضاً مجال للانخراط بشكل بنّاء مع الصين، وإيجاد حلول لمصلحتنا المشتركة.

وأعتقد أنه يمكننا إيجاد اتفاقيات يمكن أن توسع علاقاتنا التجارية والاستثمارية.

.

إنه خط رفيع نحتاج إلى السير عليه».

تغير مستمر

ومع ذلك، لاتزال ديناميكية الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي في حالة تغير مستمر، فقد قال الزميل في مركز الأمن والاستراتيجية الدولية في جامعة تسينغهوا، شي يان: «نعتقد أنه في ظل ضغوط ولاية ترامب الثانية، فهناك فرصة، من الناحية النظرية، لبكين وبروكسل للعودة إلى التعاون البراغماتي»، لكن لاتزال الولايات المتحدة عاملاً مهماً في هذا الخصوص.

وفي الوقت نفسه، لايزال المسؤولون الأوروبيون يتجهون إلى واشنطن لمحاولة استمالة ترامب وفريقه.

وكان المفوض الأوروبي للتجارة والأمن الاقتصادي، ماروش سيفكوفيتش، التقى الأربعاء الماضي، وزير التجارة الأميركي، هوارد لوتنيك في واشنطن.

وفي ذلك الاجتماع، عاد الاتحاد الأوروبي إلى فكرة الجبهة الموحدة ضد الصين.

وقال سيفكوفيتش للصحافيين: «كأقرب حلفاء، وكشركاء عبر الأطلسي، ناقشنا أيضاً كيفية التعامل مع الصين، خصوصاً من منظور الممارسات غير السوقية، والقدرات الفائضة، وأود أيضاً أن أقول القضايا التي نتعامل معها في الاتحاد الأوروبي».

عن «الفورين بوليسي»


تخفيف انتقاد الصين

قالت الزميلة الأولى غير المقيمة في معهد هدسون الأميركي، ليزلوت أودغارد: «أعتقد أنه لايزال يتعين علينا الانتظار لنرى كيف ستسير الأمور مع أميركا، حيث يشعر بعض الناس في أوروبا بالصدمة، والبعض الآخر بالغضب، لكنني لا أعتقد أن هناك رغبة في إقامة علاقات وثيقة حقاً مع الصين، غير أن هناك رغبة في الحفاظ على هذه السياسة التي انتهجناها إلى حد كبير، وتخفيف انتقاد الصين قليلاً».

.

أوروبا لن تنسى بسهولة دعم الصين لروسيا في حربها مع أوكرانيا، والذي كان عاملاً رئيساً في ابتعاد بروكسل عن بكين على مدى السنوات الثلاث الماضية.

الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.

اخبار تهمك