تزايد حالات الطلاق في أميركا منذ انتخاب ترامب رئيساً
في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، كثر الحديث عن قطع أفراد عائلات في الولايات المتحدة علاقاتهم مع بعضهم بعضاً، ولم يقتصر الأمر على الآباء والأشقاء والأقارب، بل برزت عناوين رئيسة حول الطلاق المرتبط بالانتخابات أيضاً.
وعلى الرغم من عدم وجود بيانات مؤكدة بشأن معدلات الطلاق منذ انتخاب الرئيس دونالد ترامب، فإن العديد من المحامين شاركوا أدلة على تأثير ذلك.
وقالت محامية قانون الأسرة، جو آنا سي باركر، في ألاباما، إن 15 عميلاً جديداً حددوا مواعيد لاستشارات الطلاق في الأيام والأسابيع التي تلت الانتخابات، وهي زيادة كبيرة مقارنة بعملها المعتاد.
من جهتها، قالت المحامية المتخصصة بقانون الأسرة، تيفاني بوند، من ولاية مين، إنها كانت مشغولة بالمثل باستقبال مكالمات لترتيبات طلاق في الأسابيع التي تلت إعادة انتخاب ترامب.
وأضافت: «اضطررتُ للاتصال بمحامين آخرين لأنني لم أعد أتحمل المزيد، لقد حدث هذا أيضاً في المرة الأخيرة التي انتُخب فيها ترامب»، لافتة إلى أنه وفقاً لعدد من علماء الاجتماع، فإن الانتخابات يمكن أن تدفع الأزواج الذين لديهم مشكلات سابقة إلى حافة الهاوية.
الخطاب السياسي
بدورها، قالت محامية قانون الأسرة بمكتب سودوما للمحاماة في ولاية كارولاينا الشمالية، كايلان غوديو: «الآن، وأكثر من أي وقت مضى، يدفع الخطاب السياسي ودعم بعض المرشحين الأزواج إلى إعادة تقييم علاقاتهم الشخصية، فقد يجد الأزواج ذوو الأيديولوجيات السياسية المختلفة أنفسهم يعيدون النظر في توافقهم».
وأشارت إلى أن بعض النساء تحديداً قد يعتبرن دعم شريكهن لدونالد ترامب إهانة شخصية وتجاهلاً لحقوقهن وقيمهن.
وأضافت غوديو: «ترى بعض النساء أن دعم مرشح يسعى إلى حرمانهن من حقهن في اختيار طريقة حياتهن، أو أن إدانة المرشح من قبل هيئة محلفين بتهمة الاعتداء الجنسي، إلى جانب خطابه المثير للجدل تجاه النساء، أمرٌ يدعو إلى النفور منه وممن يدعمونه».
وتابعت: «قد يشكك الزوج أو الزوجة في قيم شريكه أو شريكته إذا كان أحدهما مستعداً لدعم مرشح بهذا السجل الحافل».
تناقضات
وبعد الانتخابات الرئاسية لعامي 2016 و2024، استمعت المحامية تيفاني بوند إلى نساء أعربن عن شعورهن بأن شريكهن لا يُقدّرهن كإنسان.
وأوضحت أن «الكثير من النساء يعانين التعاسة منذ فترة طويلة، وهناك تناقضات جوهرية في العلاقات تفاقمت مع مرور الوقت، فالأمر لا يقتصر على قول (لقد صوّت لترامب، لذا سأطلقه)، لكن قد يتلفظ الزوج بعبارات مسيئة لزوجته، ما يزيد من شعورها الكامن بأنه لا يحترمها، وهذا أشبه بالقشة التي قصمت ظهر البعير، لكن هذا البعير كان يحمل الكثير من القش أصلاً».
وأضافت: «قد يُسلّط حدث مهم كالانتخابات الضوء على مدى تباعد الزوجين على مر السنين، ربما تزوجا في سنّ مبكرة قبل أن يعرفا نفسيهما أو بعضهما بعضاً حق المعرفة.
الآن قد يطالب أحد الشريكين أو كلاهما الآخر بقبول رؤيته للعالم بدلاً من التفكير في كيفية التعبير عن قيمهما والتواصل بشكل أفضل».
وتذكرت بوند قضية طلاق عملت عليها بعد انتخابات عام 2016، حيث لم يستطع زوج أبيض مؤيد لترامب فهم سبب انزعاج زوجته السوداء من اختياره، ورفض التفكير في كيفية ارتباط العرق بالسياسة.
وقالت: «هناك مشكلة أخرى تتمثل في أن الكثير من الناس ينظرون إلى السياسة على أنها رياضة جماعية، فعندما يفوز فريقهم يحتفلون ويعتقدون أن الأمر كله مجرد متعة، ويتعاملون مع الطرف الآخر بقسوة، لكنهم لا يدركون كيف تغيرت السياسة بحيث أصبح هناك حافز لنزع الصفة الإنسانية والتخويف، وكيف يؤثر ذلك على النساء بانتهاك حقوقهن الأساسية، ولهذا لم يعد الأمر مجرد نوع من الرهانات الرياضية».
انقسام
وتعتقد محامية قانون الأسرة لدى شركة «بوخالتر» للمحاماة في دنفر، كارا شروباك، أنه من غير المستغرب في ظل مناخ الانقسام الحالي أن تلعب السياسة دوراً رئيساً في انهيار الزواج، مشيرة إلى قضايا مثل الهجرة والإجهاض، والتي قد تُسبب شرخاً كبيراً في العلاقات.
وقالت: «حتى لو لم يختلف الزوجان حول القضايا السياسية الأساسية، فإن الانتخابات قد تُسبب ضغطاً كبيراً على الأفراد في هذا الأمر، وقد يشعر الناس بالقلق حيال التغييرات السياسية المستقبلية أو القلق بشأن استقرارهم المالي نتيجةً للانتخابات، وهذا النوع من الضغط قد يُسبب بالتأكيد مشكلات في العلاقة وقد يؤدي إلى الطلاق».
الطلاق دون خطأ
وأضافت شروباك «لاحظت شركتنا أخيراً ارتفاعاً في عدد العملاء الذين يتواصلون معنا لمناقشة إجراءات الطلاق، خصوصاً مع المخاوف بشأن التغييرات المحتملة في القانون المتعلق بالطلاق دون خطأ»، متابعة: «لقد ازداد الوعي بالطلاق دون خطأ بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، إلى جانب المخاوف بشأن احتمال قيام الحكومات المحلية بالحد من توافره أو إلغائه».
وأوضحت شروباك أن الطلاق دون خطأ يعني ببساطة أنه يُمكن لأي من الزوجين رفع دعوى طلاق دون الحاجة إلى تقديم دليل على أن الزوج الآخر قد ارتكب أمراً مسيئاً في ما يتعلق بعلاقتهما، لافتة إلى أن كاليفورنيا أصبحت أول ولاية أميركية تُشرّع الطلاق دون خطأ عام 1969، وعلى مدى العقود الأربعة التالية حذت جميع الولايات الأخرى حذوها، حتى نيويورك عام 2010.
وبينت أنه «في الطلاق المتعلق بخطأ يدّعي فيه أحد الزوجين أن الآخر مسؤول عن انهيار الزواج بسبب سلوك خاطئ مُحدد، وعلى عكس الطلاق دون خطأ، يتطلب الطلاق المتعلق بخطأ إثبات أن أفعال أحد الزوجين تسببت في الانفصال، لذلك إذا أُلغيت قوانين الطلاق دون خطأ فسيُصبح إثبات وجود سبب للخطأ – مثل الزنا أو القسوة أو الهجر – ضرورياً للحصول على الطلاق».
عن «الإيكونوميست» وموقع «سليت»
معارضة
الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.