التعرفات-الجمركية.-المحور-الرئيس-لأجندة-ترامب-المحلية-والخارجية

التعرفات الجمركية.. المحور الرئيس لأجندة ترامب المحلية والخارجية

على مر السنين كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتنقل باستمرار بين الموضوعات الرئاسية الساخنة من الشرق الأوسط إلى الرعاية الصحية إلى التطرق لموضوع الإجهاض، لكن رأيه لم يتغير بشأن التعرفات الجمركية التي تمثل المحور الرئيس لأجندته المحلية والخارجية.

وقال صديق مقرب من ترامب كان يشغل منصباً إدارياً في صناعة الصلب، إن التعرفات الجمركية «شيء عالق في ذهن ترامب منذ ثمانينات القرن الماضي.

لقد جاءت من نتاج معتقده الأساسي».

وأضاف هذا الصديق لصحيفة «نيويورك تايمز»، مفضلاً عدم ذكر اسمه: «قبل أسابيع قليلة من انتخابات عام 2024، قال ترامب: بالنسبة لي أجمل عبارة في قاموسي هي (التعرفة الجمركية)».

وخلال فترة ولاية ترامب الأولى بدأ فريقه سلسلة من الرسوم الجمركية الكبرى على الواردات الصينية، بدءاً من الألواح الشمسية والغسالات، سرعان ما امتدت إلى الصلب والألمنيوم، ثم ما يقرب من نصف جميع السلع من الصين، بقيمة تقارب 200 مليار دولار.

وبحلول أواخر عام 2019 بلغ متوسط معدل التعرفات الجمركية 21%، حيث كان ترامب صادقاً في كلمته.

نقطة نادرة

وانتقد خبراء الاقتصاد التعرفات الجمركية التي فرضها ترامب على الواردات، وحذروا من أنها تزيد التضخم وتضر بالمزارعين والأسر من الطبقة المتوسطة.

لكن الديمقراطيين كانوا مترددين في التراجع عنها.

ولم تحافظ إدارة الرئيس السابق جو بايدن على الرسوم الجمركية الصينية فحسب، بل ووسعتها أيضاً لتستهدف الآن المركبات الكهربائية ورقائق «السيليكون» وبطاريات «الليثيوم».

وحالياً أصبحت السياسات المناهضة للصين نقطة نادرة للإجماع الحزبي، فقد تراجع الرأي العام الأميركي بشأن الإعجاب بالصين بشكل مطرد منذ العقد الأول من القرن الـ21.

وأظهرت استطلاعات رأي أجراها مركز «بيو» للأبحاث، أن 81% من الأميركيين ينظرون إلى البلاد بشكل غير مواتٍ، وهو أدنى مستوى تاريخي، كما انخفضت معدلات الالتحاق بدورات اللغة الصينية في الجامعات الأميركية، والتي ارتفعت بشكل مطرد بعد عام 1978، منذ عام 2013.

وعندما أعلن ترامب ترشحه للرئاسة في عام 2015، كانت الأولوية في خطاب ترشحه هي فرض قيود على التجارة الصينية.

كما حذر من تدفق «المخدرات» و«الجريمة» من المكسيك، ويبدو أن العلامة التجارية الحالية لعنصرية ترامب تدور حول هذين البلدين، حيث قال: «لا توجد وظائف، لأن الصين والمكسيك تستحوذان على جميع وظائفنا».

دولة ثالثة

ومع ذلك عند إعادة النظر في خطاب عام 2015، ظهرت دولة ثالثة مستهدفة من قبل ترامب، محصورة بين الصين والمكسيك، هي اليابان.

وصرح ترامب: «لم نتغلب على اليابان في أي شيء.

إنهم يرسلون سيارات بالملايين، وماذا نفعل؟ متى كانت آخر مرة رأيت فيها سيارة (شيفروليه) في طوكيو؟ إنها غير موجودة يا رفاق.

إنهم يهزموننا طوال الوقت».

في ذلك الوقت ضحك المعلقون على هوس ترامب باليابان، ووصفوه بأنه «غير متناغم» و«عفا عليه الزمن» و«غريب».

لكن اليابان كانت تشكل الأساس لنظرة ترامب للعالم، كما زعمت المؤرخة جنيفر م.

ميلر، منذ ظهوره كشخصية وطنية في ثمانينات القرن الماضي.

وعندما نشر ترامب كتابه «فن الصفقة» في عام 1987، كانت التوترات بين الولايات المتحدة واليابان في أوجها، فقد تزامن ارتفاع واردات السلع اليابانية، لاسيما السيارات، مع تراجع التصنيع في الولايات المتحدة.

وفي سبعينات القرن الـ20 دفع ارتفاع أسعار النفط العالمية السائقين الأميركيين إلى شراء سيارات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود مثل بعض الطرز اليابانية.

وروج ترامب لكتابه في برنامج الإعلامية الأميركية، أوبرا وينفري، بقوله: «نحن دولة مدينة.

لن نستطيع الاستمرار في خسارة 200 مليار دولار.

لقد سمحنا لليابان بالدخول لبلادنا وإلقاء كل شيء في أسواقنا.

إنها ليست تجارة حرة، فإذا ذهبت إلى اليابان الآن وحاولت بيع شيء ما فانسي الأمر يا أوبرا.

انسي الأمر تماماً.

إنه أمر مستحيل تقريباً».

وأضاف: «ليس لديهم قوانين للتعامل مع ذلك.

إنهم يجعلون الأمر مستحيلاً.

إنهم يأتون إلى هنا ويبيعون سياراتهم، وأجهزة تسجيل الفيديو الخاصة بهم، ويدمرون شركاتنا بشكل كامل».

الصادرات اليابانية

بعد بضعة أشهر استضافت الولايات المتحدة قمة لمسؤولي المالية الأوروبيين والأميركيين واليابانيين في فندق «بلازا» الشهير في نيويورك (الذي اشتراه ترامب نفسه في عام 1988).

وجاءت اتفاقية «بلازا» الناتجة عن القمة وسط موجة من الصفقات الثنائية التي تهدف إلى خفض الصادرات اليابانية «طواعية» مع فتح سوق اليابان أمام سلع العالم، وبالتالي زيادة الاستهلاك المحلي، تماماً مثل الوصفات الأميركية للصين اليوم.

وتحت ضغط من دول مجموعة الخمس الأخرى (فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة)، خفضت وزارة المالية اليابانية أسعار الفائدة، وأعطت البنوك الضوء الأخضر لمشاريع البناء، ودفعت الأموال السهلة جنباً إلى جنب مع انخفاض الصادرات الشركات اليابانية إلى المضاربة في العقارات.

فقاعة

وفي ذروة الفقاعة التي تلت ذلك كان من الممكن بيع قدم مربعة في طوكيو بما يصل إلى 350 ضعف سعر قدم مربعة في مانهاتن.

وكان القصر الإمبراطوري يساوي ما يعادل قيمة كاليفورنيا بأكملها.

ومن عام 1987 إلى عام 1994، كان أغنى شخصين في العالم، وفقاً لمجلة «فورتشن»، قطبي العقارات اليابانيين تسوتسومي يوشياكي وموري تايكيتشيرو.

وفي عام 1989 اشترت شركة «ميتسوبيشي إستيتس» مركز «روكفلر»، كما أنه في العام نفسه، عندما سأل أحد المراسلين ترامب عن صافي ثروته، أجاب: من يدري كم سيدفع اليابانيون مقابل عقاراته في مانهاتن هذه الأيام.

منذ ثمانينات القرن الـ20 لم يفرق ترامب كثيراً بين خبرته التجارية الشخصية ووصفاته السياسية، فإذا حصل ترامب على صفقة سيئة فإن ذلك يندرج على الأمة بأكملها.

وفي مقابلة عام 2018 مع صحيفة «وول ستريت جورنال»، قال: «أكره أن أرى بلدنا يُستغل.

لا أود أن أرى السيارات تتدفق من اليابان بالملايين».

تحول نحو الصين

ومع تحول مركز الديناميكية الاقتصادية الآسيوية إلى الصين، كذلك تحول هدف غضب ترامب.

وقال ترامب في خطاب في لاس فيغاس: «من الصعب للغاية شراء أي شيء خلاف السلع الصينية»، مشيراً إلى أنه عندما حاول شراء الزجاج والأثاث المصنوع في أميركا لممتلكاته، لم يجد سوى المصانع الصينية.

قبل عام 2016 لم يزر ترامب الصين قط لكنه أرسل أبناءه إلى هناك لتأمين التراخيص لعلامته التجارية أو للتفاوض على صفقات عقارية فقط ليصاب بالإحباط في كل مرة.

وفي ولايته الثانية وسع ترامب شبكة التعرفات الجمركية لتشمل جيرانه وحلفاءه الظاهرين كندا والمكسيك.

وفي غضون ذلك هدد ترامب خلال أسبوعه الأول في منصبه بفرض تعرفات جمركية تصل إلى 50% على كولومبيا بعد منع طائرتين تحملان مهاجرين كولومبيين عائدين من الهبوط، كما لوح بتهديدات مماثلة ضد الدنمارك في محاولة لشراء جزيرة غرينلاند.

من يدري مدى واقعية هذه التهديدات؟ في ديسمبر حاول السيناتور الجمهوري توم كوتون طمأنة جمهور من الرؤساء التنفيذيين المتوترين بأن هذه التهديدات مجرد «تكتيك تفاوضي فعال».

من ناحية أخرى قال عن التعرفات الجمركية ضد الصين: «هذا حصان من لون مختلف».

عن «الغارديان»


الضمانات الأمنية الأميركية

في عام 1987 قبل ظهوره على برنامج «أوبرا»، كتب الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقالاً في الصحف الرئيسة ينتقد فيه الضمانات الأمنية الأميركية والمساعدات العسكرية لحلفاء مثل اليابان.

وقال في مقاله: «على مر السنين استطاع اليابانيون أن يبنوا اقتصاداً قوياً ونابضاً بالحياة مع فوائض غير مسبوقة مستفيدين من التكاليف الضخمة التي تتكبدها أميركا للدفاع عنهم.

لقد تمكنوا ببراعة من الحفاظ على (الين) الضعيف مقابل الدولار القوي.

هذا إلى جانب إنفاقنا الضخم على دفاعهم، ودفاع الآخرين، والذي ساعد على نقل اليابان إلى طليعة الاقتصادات العالمية».

.

خلال فترة ولاية ترامب الأولى بدأ فريقه سلسلة من الرسوم الجمركية الكبرى على الواردات الصينية.

الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.

اخبار تهمك