بوتين «غير متسرع» للدخول في مفاوضات سلام مع أوكرانيا
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه سيعمل على وقف الحرب في أوكرانيا، وإن كان ذلك سيتم في أكثر من مجرد يوم واحد، كما اعتاد أن يقول في وعوده.
لكن ثمة مشكلة في هذا الصدد، إذ إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يبدو أنه ليس على عجلة من أمره، كي يقدم تنازلات ويقبل بصفقة ليست متوافقة مع شروطه.
ومع اقتراب الذكرى السنوية الثالثة لهذه الحرب، يبدو أن الرئيس الروسي يعتقد أن الزمن يعمل إلى جانبه، وأنه يتمتع بميزة تتفوق على كل من أوكرانيا وداعميها من الدول الغربية.
والصحيح أن نهج الرئيس الروسي، وخلال وجوده في السلطة لنحو ربع قرن، يتلخص في إظهار الثقة العنيدة، بغض النظر عن الواقع الموضوعي، وهذا يجعل من الصعب قراءة أفكاره، خصوصاً أن طبيعة صنع القرار داخل الكرملين أصبحت أكثر غموضاً.
الشعور بالتفاؤل
ومع ذلك، فإن الأخبار التي تصل إليه من ساحة المعركة لابد أن تغذي شعوراً بالتفاؤل، حيث تتمتع روسيا في جبهة المعارك، بزخم قوي، وتحشد قواتها حول مدينة (بوكروفسك) الاستراتيجية في أوكرانيا، في حين بدأت الخطوط الأوكرانية الممتدة في الانهيار.
وأوكرانيا غير متأكدة إلى حد كبير من الدعم السياسي والمادي المستقبلي لترامب، وأوروبا.
وحتى إذا كانت الإرادة السياسية موجودة، إلا أن القاعدة الصناعية الدفاعية الغربية ستكافح من أجل تغذية أوكرانيا بالأسلحة، بمستويات حافظت عليها حتى الآن.
وفي الوقت نفسه، تبدو السلطة السياسية للرئيس فولوديمير زيلينسكي هشة في الداخل، وبدأت حكومته تبحث عن نوع من الاستراحة في القتال.
في المقابل، لا تظهر القوات الروسية إشارات على احتمال نفاد قواتها الهجومية، على الرغم من أن المساحات الإضافية القليلة التي استولت عليها القوات الروسية في شرق أوكرانيا خلال العام الماضي كلفت عدداً كبيراً من الضحايا.
ولا يمكن لمعدل مقتل الطاقة البشرية أن يستمر للأبد، لكن على المدى القريب، ستقوم روسيا بتجديد الطاقة البشرية في الجيش من قوى الاحتياط.
وعلى النقيض، فإن أوكرانيا ذات العدد السكاني الأقل تكافح بشدة من أجل تجديد قواتها.
التعويضات السخية
وقام الكرملين بإغراء الرجال الروس للانخراط في الجيش عن طريق تقديم التعويضات السخية.
وثمة خيارات أخرى متاحة، مثل نظام الاستدعاء الإلكتروني لإصدار استدعاءات إلكترونية، وفي الوقت ذاته، هناك 12 ألف جندي من قوات النخبة في كوريا الشمالية وصلوا لمساعدة روسيا كي تتغلب على القوات الأوكرانية التي دخلت إلى منطقة «كورسك» في روسيا.
ويستطيع الكرملين تحمل خسائر كبيرة في الجبهة، ووفق الحسابات الروسية، فإن أوكرانيا تخسر هذه الحرب الطاحنة والمستنزفة بصورة تدريجية، قبل أن تنهار بصورة فجائية.
وهناك أيضاً الجبهة الاقتصادية، فالثقل المتراكم للعقوبات الغربية عملت على تكبيل الاقتصاد خلال زمن هذه الحرب الروسية، إلا أن التكنوقراطيين في روسيا تمكنوا بشكل مثير للإعجاب من التعامل مع عواقب الاقتصاد المحموم، والتضخم المرتفع، ونقص العمالة، وتراجع الصادرات.
وفي مرحلة ما، سيصبح التعامل مع هذه العواقب أكثر صعوبة.
لكن خلال العام المقبل، على الأقل، أو أكثر، ربما يستطيع بوتين الاعتماد على الموارد اللازمة لدفع كُلفة الحرب قبل أن يتورط الاقتصاد في مشكلات حقيقية.
ونظراً للخوف الذي يزرعه بوتين في المجتمع الروسي وبين النخب، فإنه لا يشعر بالقلق إزاء المطالب الشعبية بإنهاء الحرب أو المؤامرات الرامية إلى عزله.
عائدات النفط الروسي
وربما يكون بوتين أيضاً واثقاً من الصورة العالمية، ومن ترامب قبل كل شيء، ولهذا لن تزعج تهديدات الأخير بفرض عقوبات جديدة على روسيا وحمَّى الحفر الأميركي الذي يضر بعائدات النفط الروسي، الكرملين.
وإذا تأثرت روسيا بمثل هذه التدابير أصلاً، سيستغرق ذلك وقتاً طويلاً قبل أن يصبح تأثيره ملموساً.
ويبدو أن شعور الكرملين بأن الوقت إلى جانبه، هو الأساس لفهم اعتباراته، وأفكاره الأكثر شمولاً.
وستشعر القيادة الروسية بأنه ليس هناك أي ضغوط حقيقية، تجبرها للذهاب إلى طاولة المفاوضات، إلا إذا كانت ستؤدي من حيث الفعل، إلى استسلام أوكرانيا.
ويعمل بوتين في الواقع فعلاً على تشكيل المجال الدبلوماسي، في إشارة إلى أنه رجل عقلاني، في حين يُلقي باللوم على الجميع باستثناء نفسه عن الدمار العبثي الذي جلبته هذه الحرب.
ويحاول بوتين، مغازلة ترامب من خلال ترديد خطاب الرئيس الأميركي القائل إن روسيا ما كانت لتغزو أوكرانيا أبداً، إذا لم يتم إخراج ترامب من منصبه، بسبب انتخابات «مسروقة»، وهو بذلك يشير إلى أنه مستعد للمفاوضات مع ترامب، لكن ليس مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي، أو أوروبا.
وتتضمن مطالب بوتين، الاعتراف بضم المناطق الأوكرانية وحماية حقوق الناطقين باللغة الروسية في أوكرانيا، وذلك عن طريق فرض روسيا لرأيها في سياسة أوكرانيا، كما أنه يريد وضع حد للعقوبات الغربية.
تجميد خطوط الجبهة
وقبل كل شيء، يريد بوتين وضع نهاية للإجراءات الغربية الأمنية، وضمان بأن حلف شمال الأطلسي «الناتو» لن يقبل بضم أوكرانيا كعضو في «الحلف»، كما أن وجود قوات حفظ السلام الأوروبية، بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار عبر المفاوضات أو التوصل إلى تسوية، سيكون غير مقبول، حتى إن وجود هذه القوات على طول (خط التماس)، من شأنه أن يُعقّد خيار روسيا، ويضطرها إلى إعادة احتلال أوكرانيا، إذا قرر بوتين ذلك.
وإذا وافق ترامب على جوهر مطالب روسيا، يمكن أن يوافق الكرملين على وقف إطلاق النار وتجميد خطوط الجبهة الحالية، وربما يوافق على صفقة، طالما أن ترامب لايزال في السلطة.
وهذا سيجعل الرئيس الأميركي يتفاخر بمصداقيته باعتباره (صانع الصفقات والسلام).
وبلاشك فإن حسابات الروس، تشير إلى أن أوكرانيا من دون ضمانات أمنية غربية من شأنها أن تصبح دولة غير قابلة للاستثمار، وخالية من السكان ومعرّضة لخطر الانفجار.
وبالطبع فإن الأوكرانيين سيشعرون بالرعب من مثل هذه الصفقة، التي سيقاومون فرضها عليهم.
ولكن إذا لم ينجح بوتين في تحقيق هدفه في المفاوضات، فإنه يبدو واثقاً من أن روسيا قادرة على الاستمرار في القتال لمدة عام آخر، على الأقل والحصول على ما تريد عبر ساحة القتال.
ووفق حسابات بوتين، فإن أوكرانيا تفتقر إلى الوقت أو الموارد اللازمة للصمود إلى أجل غير مسمى.
ومن الممكن إثبات خطأ بوتين، لكن هذا سيتطلب المزيد من الدماء الأوكرانية والأسلحة الغربية، وربما الأهم من أي شيء آخر، المزيد من الوقت الذي قد يسمح به نفاد صبر ترامب بشأن التوصل إلى اتفاق.
عن «الإيكونوميست»
.
بوتين يعتقد أن الزمن يعمل إلى جانبه وأنه يتمتع بميزة تتفوق على أوكرانيا وداعميها من الدول الغربية.
.
الكرملين يمكن أن يوافق على وقف إطلاق النار وتجميد خطوط الجبهة الحالية إذا وافق ترامب على جوهر مطالب روسيا.
الامارات 24 ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة الاماراتية و الخليجية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.